الرئيسية || من نحن || || اتصل بنا | |||||
العراق .. أحزاب بلا جماهير إياد الدليمي
بحسب إحصائية أصدرتها مفوضية الانتخابات العراقية السبت الماضي
(1/8/2021) وصل عدد الأحزاب المترشحة للانتخابات البرلمانية المقرّرة
في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل إلى 167 حزباً، وهو رقم يكشف حقيقة
الواقع الحزبي والعمل السياسي الفوضوي في العراق، والذي تشكل عقب
الاحتلال الأميركي عام 2003. وعلى الرغم من هذه الوفرة "الحزبية" في
العراق، فإنّها وفرة حزبية فارغة المحتوى والمضمون، فأكثرية هذه
الأحزاب لا تمتلك أيّ قاعدةٍ جماهيريةٍ، بل إنّ كثيراً من تلك الأحزاب
لا يمتلك حتى برامج حزبية أو فكرية أو أيديولوجية، ناهيك طبعاً أنّ
كثيراً منها تشكل قبل الانتخابات لغرض خوض الانتخابات، بمعنى أنّه،
وعقب تلك الانتخابات، لن يكون له وجود، إذا لم يفز هو أو أحد مرشّحيه
فيها. بعد الانقلاب على الملكية، ومجيء الضباط وإعلان الجمهورية، شهدت حركة تشكيل الأحزاب انعطافة مهمة، بالسماح بتشكيل الأحزاب الدينية أو العرقية
بدأت حركة تشكيل الأحزاب عقب صدور القانون المُنظم لعملها عام 1922.
ويمكن القول إنّ غالبية تلك الأحزاب التي ظهرت خلال العهد الملكي
تأثرت، بطريقة أو بأخرى، بالحزبية التركية أو الشامية أو حتى المصرية،
فغالبيتها كانت برجوازية الطابع، واقتصر عملها على أعيان المجتمع ونخبه
الفكرية أو حتى المالية، ولم تكن قادرةً على أن تشكل قاعدة جماهيرية
صلبة، بل إنّها، في أحيانٍ كثيرة، بدت شبه معزولة عن الشارع الذي كان
يمكن أن تحرّكه قصيدةٌ لشاعر منتفض ضد "حلف بغداد" أو غيره. لكن، ما
يسجل للعهد الملكي أنّه لم يسمح بتشكيل الأحزاب على أسس عرقية أو دينية
أو طائفية، كون المشرّع آنذاك أدرك خطورة مثل هذه التحزّبات على شعبٍ
متنوع الأعراق والقوميات، وحتى الأديان. لعلّ انتخابات 2010 كانت الفرصة الأخيرة أمام عراق ما بعد 2003، ليبني بيئة عمل حزبي يمكن أن تسهم في عودة الجماهير إلى الأحزاب
وبعد عقود من هيمنة الحزب الواحد، جاء عهد الاحتلال وديمقراطيته التي
بشّر بها، ولعلّ واحداً من أهم وجوه الديمقراطية كان السماح بتشكيل
الأحزاب، فكانت سماء بغداد تمطر أحزاباً وتيارات سياسية، سريعاً ما
تبين أنّ كثيراً منها مجرّد واجهات سريعة الزوال، بعدما تبين لأصحابها
أنّ العهد ليس عهد الحزبية التي نشأ عليها قانون الأحزاب العراقية عام
1922، وإنّما هو عصر الأحزاب الدينية، والدينية حصراً، فخرجت من اللعبة
واجهات حزبية كثيرة، ليبرالية أو حتى قومية أو حتى تلك الوطنية، لتخلو
الساحة إلّا من تلك الأحزاب الدينية أو الطائفية. سطوة المليشيات وسيطرتها، بسلاحها ونفوذها، وغياب أيّ هيبة أو سلطة فعلية للدولة، ذلك كله يجعل من العمل السياسي الجماهيري ضرباً من المستحيل
تأتي انتخابات عام 2021، المقرّرة في أكتوبر/ تشرين الأول، في وقتٍ
يعاني العمل الحزبي في العراق من غياب القواعد الجماهيرية، فغالبية
الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات تعمد إلى الخطاب الطائفي أو
العرقي، من أجل جذب الناخب، وسط غيابٍ لأيّ برامج سياسية أو فكرية
تستند إليها تلك الأحزاب، ناهيك طبعاً عما تنفقه تلك الأحزاب من أموالٍ
طائلة، أغلبها يأتي من الخارج، لشراء أصوات الناخبين والتلاعب بنتائج
الانتخابات، بل حتى شراء المقاعد البرلمانية. (العربي الجديد) لندن |
|||||
الرئيسية || من نحن || الاذاعة الكندية || الصحافة الكندية || اتصل بنا | |||||