الرئيسية || من نحن || || اتصل بنا

 

  

كندا واللقاح المضاد لفيروس

كورونا المستجدّ: ما كلُّ ما تتمنّاهُ الحكومة تدركه

 

فادي الهاروني |  القسم العربي في راديو كندا الدولي

 

تناول مراسل راديو كندا كريستيان نويل موضوع اللقاح المضاد لداء "كوفيد - 19" في تحليل على موقع الإذاعة الكندية العامة، فتساءل عمّا هو الأهمّ في السباق الدولي للحصول على اللقاح: الحصول على اللقاح قبل الآخرين أم التحقق من نجاعته وسلامته؟

حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا تميل للاحتمال الثاني، فكندا لم تكن أساساً مرشّحة للفوز بالمرتبة الأولى في سباق الحصول على اللقاح.

وكانت لدى ترودو فكرة واضحة عن هذا الأمر منذ الصيف الفائت، يلفت نويل، لكنّ رئيس الحكومة آثر مصارحة المواطنين هذا الأسبوع من أجل كبح جماح توقعاتهم مع تواتر الأخبار عن قرب بدء التلقيح في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

ويرى ترودو أنه من المبكر الآن تحديد موعد بدء التلقيح في كندا، لاسيما لأنّ كندا لا تملك المختبرات اللازمة لإنتاج لقاحات مضادة لـ"فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة"، المعروف إعلامياً بـ"فيروس كورونا المستجدّ"، المسبّب لداء "كوفيد - 19".

"يمكننا أن نتفهّم أنّ شركة تنتج لقاحات في الولايات المتحدة ستبدأ بتوزيعه في الولايات المتحدة قبل إرساله إلى الخارج"، قال رئيس الحكومة الليبرالية.

وردّاً على انتقادات أحزاب المعارضة التي تتهمها بالتقصير في ملف اللقاحات، قرّرت الحكومة الليبرالية تحميل المسؤولية لحزب المحافظين الذي حكم البلاد نحو عشر سنوات متواصلة (شباط/فبراير 2006 - تشرين الثاني/نوفمبر 2015) بقيادة ستيفن هاربر.

لكنّ واقع الحال هو أنّ قدرة كندا على إنتاج حاجاتها من اللقاحات تتراجع منذ عقود من الزمن. ويجدر التذكير هنا أنه قبل وصول المحافظين إلى السُلطة تربّع الليبراليون على عرشها نحو 13 سنة متواصلة (تشرين الثاني/نوفمبر 1993 - شباط/فبراير 2006).

كما أنّ المسؤولية لا تقع كلها على عاتق الحكومات الفدرالية المتعاقبة، فالمقاطعات أيضاً مسؤولة.

ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى اختيار العديد من الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات العاملة في إنتاج اللقاحات تخفيفَ تواجدها في كندا، أو حتى إزالته كلياً، لأسباب مالية واستراتيجية.

فقدرة كندا على إنتاج لقاحاتها لم تكن في رأس أولويات الحكومات المتعاقبة آنذاك، بالرغم من سعيها الدؤوب لإيجاد فرص عمل للمواطنين بأجور مرتفعة ومنع هجرة الأدمغة.

وجاءت الجائحة الحالية لتضع هذا النقص في القدرة على إنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجدّ تحت المجهر.

هذا مع العلم بأنّ المختبرات الكندية لا تزال تنتج لقاحات اُخرى، لاسيما لقاحات مضادة للإنفلونزا الموسمية، لكنها ليست مجهزة لتطوير لقاحات جديدة من النوع الواعد الذي يوفّر المناعة الفاعلة المكتسبة لمواجهة فيروس كورونا المستجدّ المسبّب لداء "كوفيد - 19".

وإذا كان ترودو يبرّر التأخير في الحصول على لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجدّ بعدم توفّر المختبرات في كندا لإنتاجه، فهو يتجنّب ذكر أسباب أُخرى، يقول كريستيان نويل في تحليله.

فأولاّ تأخرت كندا في طلب بعض اللقاحات، مدة شهريْن أو ثلاثة أشهر عن الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة في بعض الحالات.

لكنّ الحصول على جرعات اللقاح لا يخضع دوماً لقاعدة "الواصل أوّلاً يُخدم أوّلاً"، إذ من الممكن دفع مبلغ إضافي لتسريع الحصول عليها. لكنّ كندا لا تملك هامش مناورة واسعاً كالأميركيين في هذا المجال.

والسبب الثاني هو أنّ شركات الأدوية تعطي الأولوية لدولٍ كالولايات المتحدة دفعت مسبقاً ثمن ملايين الجرعات اللقاحية التي أوصت عليها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذه اللقاحات لا تزال في الطور التجريبي، فهي لم تثبت بعد فعاليتها على نطاق واسع. وبالتالي فعاليتها الحقيقية ومدة تحصينها ضدّ الداء لا تزالان غير معروفتيْن.

أما السبب الثالث فهو أنّ رئيس الحكومة الليبرالية لم يصرّ على وزارة الصحة كي تسرّع عملية الموافقة على اللقاحات، خلافاً لما قامت به إدارة الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة. وترودو قال مرّات عدّة إنّ هذا الأمر من مسؤولية أهل العلم والاختصاص في وزارة الصحة، وإنه كرئيس حكومة لا يتدخّل في عملهم.

يُشار في هذا الصدد إلى أنّ نائب المسؤولة العليا عن الصحة العامة في كندا الدكتور هَوارد نو قال بعد ظهر اليوم إنه إذا ما سارت الأمور على ما يُرام لاثنيْن من اللقاحات السبعة التي طلبتها الحكومة الفدرالية، وهما لقاحا "فايزر" و"موديرنا"، سيتمّ تلقيح نحو ثلاثة ملايين كندي بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) 2021.

وقد يحلو لأحزاب المعارضة توجيه الانتقادات اللاذعة للحكومة في مجلس العموم بحجة أنّه كان بإمكانها القيام بالمزيد من أجل حجز جرعات اللقاح اللازمة للمواطنين، ولكن يمكننا أيضاً أن نتخيّل هذه الأحزاب أكثر غضباً لو أنّ الحكومة سدّدت مسبقاً ثمن الجرعات، أو دفعت مبالغ إضافية للحصول عليها، ليتبيّن لاحقاً أنّ اللقاحات غير ناجعة أو غير آمنة، يقول نويل.

وفي المقابل يحقّ لأحزاب المعارضة في مجلس العموم ولحكومات المقاطعات والأقاليم أن تطالب الحكومة الفدرالية بمزيدٍ من الشفافية فيما يتعلق بخطتها لتوزيع جرعات اللقاح، فالتحدي اللوجستي في هذا المجال ينتظرنا، يقول نويل.

(راديو كندا / راديو كندا الدولي)

 

 
الرئيسية || من نحن || الاذاعة الكندية || الصحافة الكندية || اتصل بنا