المعلن والخفي عن مرض المرشد الإيراني علي خامنئي
أعلن النظام عدداً من الوعكات الصحية التي مر بها لكنه تستر على كثير غيرها
ترددت خلال الأعوام الماضية تقارير كثيرة عن مرض المرشد، لكن لم يؤكد النظام أياً منها (أ ف ب)
المعلن والخفي عن مرض المرشد الإيراني علي خامنئي
أعلن النظام عدداً من الوعكات الصحية التي مر بها لكنه تستر على كثير غيرها
يعد المرشد الإيراني علي خامنئي أحد أكبر القادة الطاعنين في السن، وهو من مواليد عام 1939، وانخرط في هرم السلطة بواسطة رفيق دربه أكبر هاشمي رفسنجاني منذ إطاحة حكم الشاه وتولى منصب ولي الفقيه بعد مؤسس النظام روح الله الخميني عام 1988 بدعم كبير من رفيق دربه أيضاً قبل أن ينقلب عليه في الأعوام الأخيرة من حياة رفسنجاني، إذ اقترب خامنئي أكثر إلى مؤسسة “الحرس الثوري” بينما ظل رفسنجاني وعائلته هدفاً لمنافسين سياسيين واقتصاديين مقربين من المرشد.
مضى على فترة حكم خامنئي 35 عاماً ولم ترشح تفاصيل كثيرة عن طبيعة مرضه، لكن سبق أن تحدث عدد من كبار المسؤولين عن معاناته من المرض كما بث التلفزيون الرسمي لقطات من مراجعاته للمستشفى وخضوعه لعدد من العمليات الجراحية.
جراء محاولة الاغتيال
وكان الطبيب الخاص بعائلة المرشد علي رضا مرندي صرح في أبريل (نيسان) الماضي، بأن “السيد سالم ولله الحمد”، وأضاف، “سن القائد ليس قليلاً وهو أكبر مني بتسعة أشهر، لكن ولله الحمد أنه سالم، وفي بعض الأوقات نوصيه بتناول كمية أكبر من الفاكهة”.
وعلي رضا مرندي كان وزيراً للصحة عندما كان علي خامنئي يتولى منصب رئيس الجمهورية، واستمر بمنصبه خلال ولاية أكبر هاشمي رفسنجاني، ويقدمه الإعلام الرسمي بمسمى “رئيس فريق أطباء مرشد النظام”.
وأثارت تصريحات مرندي وقتها تساؤلات لدى رواد شبكات التواصل الاجتماعي، وتساءل بعضهم: هل المرشد البالغ من العمر 85 عاماً لا يحتاج حقاً إلا إلى تناول مزيد من الفاكهة؟
وذكر موقع إذاعة “فردا” (الغد) “صوت أوروبا الحرة” التي تبث من براغ أن خامنئي خضع لأربع عمليات جراحية خلال الأعوام الماضية. كانت الأولى بعدما تعرض لمحاولة اغتيال عام 1981 بانفجار قنبلة أثناء خطابه في مسجد بطهران، إذ انفجرت قنبلة زرعت في جهاز تسجيل صوت وضع أمامه، وتعرض خامنئي لجروح في الكتف وفقد الحركة في يده اليمنى، كما تعرضت شبكة العصب في يده إلى أضرار يعانيها حتى الآن.
كان خامنئي وقتها في الـ42 من عمره، وخضع لعملية جراحية معقدة امتدت لساعات طويلة وعلى مراحل متعددة لاحتواء ما يمكن من الأضرار التي لحقت به جراء محاولة الاغتيال. كما خضع خلال الأعوام الماضية إلى عدد من العمليات الجراحية، منها عملية في المرارة والبروستات والقلب.
يفرض النظام الإيراني تعتيماً شديداً على الأمراض الجسمية والنفسية لمرشد النظام، ولم يسمح بتداول الحديث عن خليفته لكن أطباء ومقربين منه تحدثوا أحياناً عن بعض معاناته.
وقال هادي منافي رئيس فريق الجراحين الذين عالجوا الجروح التي تعرض لها خامنئي بعد عملية الاغتيال، في ذكريات أوردتها وسائل الإعلام الحكومية، “عندما استعاد وعيه وبينما كنا وضعنا أنبوباً في رئته ولم يستطع التكلم طلب ورقة وقلماً وكتب لنا أسئلة عدة بيده اليسرى، سأل فيها عن حال من كانوا حوله، أي فريق الحماية، كما سأل هل يبقى اللسان والمخ يعملان؟ وقلنا له نعم، فقال هذا يكفي”.
وبعد أشهر قليلة من عملية الاغتيال قاد خامنئي وأكبر رفسنجاني حملة ضد الرئيس المنتخب أبوالحسن بني صدر أدت إلى عزله من منصبه وتولى خامنئي بعده منصب رئيس الجمهورية في حين كان يعاني آثار المرض وعملية الاغتيال.
وفي عام 1989 عندما كان في سن الـ50 خضع خامنئي لعملية في المرارة، وبعد عام أعلن عن ضرورة خضوعه لعملية جراحية أخرى. ونقلت إذاعة “فردا” مقتطفات من ذكريات أكبر هاشمي رفسنجاني عن الموضوع، إذ قال “استيقظت البارحة على الساعة الـ12 باتصال من رئيس مكتب المرشد محمدي كلبايكاني، الذي أخبرني أن المرشد يعاني ألماً شديداً في المعدة، ويوصي الأطباء بأن يخضع لعملية جراحية فوراً. وتناول حبوباً مهدئة وخلد إلى النوم، لكنه لن يحضر صلاة العيد غداً”.
وذكر رفسنجاني أنه تبين أن مرارته تجمع فيها تراب، مضيفاً أنه تقرر تنظيم لقاءات سريعة له مع عدد من المسؤولين العسكريين من أجل احتواء الإشاعات. وأضاف أنه كان حاضراً خلال العملية الجراحية وشاهدها مباشرة، قائلاً إنه ناقش قبلها عدداً من شؤون البلاد.
وعكة قلبية وتستر
في ما بعد قال خامنئي عن مرضه، إنه كان يعاني الألم منذ فترة طويلة، موضحاً، “كنت أعاني دائماً من مشكلات في جهاز الهضم”.
وفي عام 1998 تعرض مرشد النظام لوعكة قلبية وتستر النظام على مرضه لمدة 23 عاماً حتى كشف رفسنجاني عنه في كتاب مذكراته. ومن خلال المذكرات بدا أن رفسنجاني نفسه لم تكن بحوزته معلومات عن طبيعة مرض خامنئي، إذ قال إنه سمع أخباراً مختلفة عن توصية الأطباء له بضرورة الاستراحة والابتعاد عن الأعمال الحكومية.
وتحدث رفسنجاني عن تداولات بإلقاء المرشد خطاباً سنوياً كان يلقيه في ذكرى وفاة مؤسس النظام، مضيفاً أنه توجه إلى بيت المرشد مباشرة للاطلاع على صحته، لكنهم أبلغوه أنه انتقل إلى قم للاستراحة المطلقة.
وخلال مراسم ذكرى وفاة الخميني أشار حفيده حسن الخميني إلى الحال الصحية لخامنئي، وبعدها ظهر الأخير وآثار المرض على وجهه، وتحدث لمدة 15 دقيقة فقط أمام الحاضرين.
وتداولت وسائل الإعلام بعدها الحديث عن مرضه، وأشارت إلى تكهنات مختلفة في شأن حاله الصحية ومستقبل منصب ولاية الفقيه بعد وفاته.
وفي الـ22 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2001 أعلن عن إلغاء سفر خامنئي إلى محافظة أصفهان بسبب “نزلة برد”، ورددت وسائل إعلام النظام أسف خامنئي لإلغاء سفره، وأن كان يشتاق إلى لقاء أبناء الشعب في أصفهان.
وفي عام 2014 خضع علي خامنئي لجراحة في البروستات بالمستشفى، ونشرت وسائل إعلام النظام صوراً له بينما يستقبل عدداً من المسؤولين العسكريين والمدنيين في المستشفى.
وأعلن النظام أن العملية الجراحية كانت ناجحة. وقال الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني، إنه استعاد صحته بصورة كاملة، مطمئناً أنصار النظام باجتياز الوعكة الصحية.
وترددت خلال الأعوام الماضية تقارير كثيرة عن مرض مرشد النظام، لكن لم يؤكد النظام أياً منها، فيما أبدى النظام تدخلاً غير مسبوق في انتخابات مجلس خبراء القيادة الأخيرة، إذ أقصى جميع الوجوه المعتدلة والإصلاحية من الانتخابات، منهم الرئيس السابق حسن روحاني، ليضم المجلس المعني بتعيين خليفة للمرشد بعد وفاته عدداً من أكثر رجال الدين ولاء لـ”الحرس الثوري”.
المصدر : اندبندنت عربية