تقرير لفرانس24 : استطلاعات رأي “جنونية” حول حظوظ كامالا هاريس ودونالد ترامب في السباق نحو البيت الأبيض الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 تظهر تقاربا بين كامالا هاريس ودونالد ترامب. © ستوديو غرافيك فرانس ميديا موند.
من مراسلتنا في واشنطن – تقف فرانس24 بشكل أسبوعي على أبرز الأحداث التي تطغى على حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجارية قبيل موعد التصويت المقرر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. يسلط هذا المقال الضوء على حالة الذعر التي يبدو أنها باتت تسيطر على المعسكر اليساري، بعد صدور مجموعة من استطلاعات الرأي المخيبة للآمال بالنسبة لكامالا هاريس أمام دونالد ترامب.
إعداد:أمين زرواطي تابِع|يونا إلاوا
لعل من استمع إلى بعض المراقبين الأمريكيين للانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس نوفمبر/تشرين الثاني، يظن بأن السماء كادت أن تقع على رأس الديمقراطيين خلال هذا الأسبوع. والسبب: سلسلة من الاستطلاعات المخيبة للآمال بالنسبة إلى مرشحة هذا المعسكر كامالا هاريس التي ستتواجه مع غريمها الجمهوري دونالد ترامب.
بدأ الأمر مع استطلاع للرأي تم التعليق عليه بكثافة عبر قناة إن بي سي نيوز، منذ نشره في 13 أكتوبر/تشرين الأول علما بأنه قد تم إنجازه في الفترة ما بين 4 و8 من نفس الشهر، وهو يمنح المرشحين الإثنين في سباق البيت الأبيض نسبة 48 بالمئة من نوايا التصويت. فيما أشار الاستطلاع نفسه في الشهر السابق، إلى تقدم نائبة الرئيس بخمس نقاط.
استطلاع سابق أجراه معهد كوينيبياك في 9 أكتوبر/تشرين الأول، أثار الجدل بعد أن وضع ترامب في الريادة ومنحه ثلاث نقاط في ميشيغان (كامالا هاريس كانت متقدمة في سبتمبر/أيلول حسب نفس المسح)، ونقطتين في ويسكونسن (بعد أن كان المرشحان متقاربين). كان لهذه الأرقام غير المعتادة الأثر الملحوظ على متوسط مجمعات الاستطلاعات الأكثر متابعة.
ففي المتوسط الذي رجحته نايت سيلفر إحدى مؤسسات الاستطلاع في رسالتها الإخبارية، لن يحقق ترامب سوى مكاسب ضئيلة (أقل من نقطة مئوية واحدة) وذلك على الصعيد الوطني وفي أغلب الولايات الرئيسية بالمقارنة مع الأسبوع الفارط. في المقابل، حافظت هاريس على تقدمها على المستوى الوطني، بفارق ضئيل في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، فيما يهيمن ترامب بعض الشيء في جورجيا ونورث كارولينا و(أكثر قليلا) في أريزونا. ناهيك عن ذلك، أثارت عدة استطلاعات أجرتها معاهد قريبة من الجمهوريين ومؤيدة لترامب هذا الأسبوع مخاوف الديمقراطيين.
حالة من الذعر في اليسار؟
فهل بلغت هاريس سقفا لا يمكن لها تخطيه؟ وفق بعض عناوين الصحف، تنتاب اليسار حالة من الذعر. فبرغم عدة حوارات أجرتها بديلة جو بايدن هذا الأسبوع، فقد تعرضت إلى الانتقادات لاتهامها بأنها لا تثق في وسائل الإعلام، وكذا بسبب ملايين الدولارات التي أنفقها معسكرها. بالتزامن مع ذلك، يبدو أن الأرقام لم تعد تتبدل لصالحها، بل حتى إنها باتت تتحسن بعض الشيء لصالح منافسها. الأسوأ من ذلك أن الأخير لم يتوان عن السفر إلى ولايات يصعب التكهن بمن سيؤول الفوز فيها، حيث حضر في نهاية الأسبوع اجتماعا في كوتشيلا بكاليفورنيا، وبدا أنه يسعى إلى إظهار قوته وثقته وإلى إحراج منافسته.
في ظل ذلك، ترى مجلة ذا نيشن The Nation اليسارية بأنه “ينبغي على حملة هاريس تصحيح الوضع”. وهي تعتقد أنه من المرجح أن تكرر كامالا هاريس نفس أخطاء هيلاري كلينتون في 2016 عبر محاولة الحصول على دعم الجمهوريين المعتدلين عوض التركيز على جمهور الناخبين الشعبي. يمكن أن نقرأ في صفحات هذه المجلة أيضا: “لقد قضت هاريس الأسابيع الأخيرة من حملتها في محاولة جمع الجمهوريين المناهضين لترامب، وذلك على حساب الترويج لأجندتها الاقتصادية الشعبوية والدفاع عن الحق في الإجهاض”.
يرى بعض المحللين، بأن الخطر يأتي بشكل أساسي من تصويت “الأقليات الذكورية”، خصوصا الرجال السود واللاتينيين، الذين قد يتخلى البعض منهم عن المعسكر الديمقراطي لفائدة دونالد ترامب، وهو ما أشار إليه تحديدا استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا نهاية الأسبوع. كذلك، عززت تصريحات باراك أوباما هذا الأسبوع حول هذه المسألة خلال رحلة قام بها لدعم هاريس في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، هذه الفرضية. فقد قال أوباما “لإخوته” الأمريكيين من أصل أفريقي الذين كانوا مترددين في الانضمام للحزب الديمقراطي: “لقد قدمتم كافة أشكال الحجج والأعذار”. وأضاف الرئيس الأسبق: “هذا يسبب لي مشكلة. إنه يجعلني أعتقد أنكم لا تحبذون فكرة أن تكون امرأة في منصب الرئيس”.
نتيجة لذلك، سعت كامالا هاريس خلال الأيام الأخيرة إلى مخاطبة هذه الفئة من الناخبين ولإقناعهم بأن التصويت لدونالد ترامب ليس في مصلحتهم. حتى إن فريق حملتها كشف عن عدة مقترحات الإثنين لصالح الرجال الأفرو-أمريكيين من ذلك: مساعدات للتكوين، دعم إنشاء المؤسسات الصغيرة، وما شابه.
فهل تدفعنا استطلاعات الرأي تلك إلى استخلاص أن كامالا هاريس قد فقدت زخمها؟ في الواقع، وقبل ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات، وصلت الحملة إلى هذه المرحلة لدرجة أن المحللين باتوا يتصارعون على أدنى الأرقام، خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين يتوقعون ليلة سوداء لكامالا هاريس في 5 نوفمبر/تشرين الثاني إذا لم يتحرك فريق حملتها. في المقابل، يرى آخرون ضرورة البقاء عقلانيين.
فيما يخص تصويت الأمريكيين من أصول أفريقية، يشير هؤلاء إلى استطلاع آخر لشبكة سي بي إس نيوز أيضا، تم إجراؤه في الفترة ما بين 8 و11 أكتوبر/تشرين الأول، وكشف عن حصول كامالا هاريس على 87 بالمئة من نوايا التصويت في صفوف الناخبين السود، وهي نفس النتيجة التي كان جو بايدن قد حصل عليها في 2020. ويؤكد هؤلاء المحللين على أن المعسكر الديمقراطي لا يزال متقدما في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني. في هذا السياق، قال الخبير الاستراتيجي والمعلق السياسي ماثيو دود في منشور على منصة إكس: “لا يوجد سوى ثلاث استطلاعات رأي وطنية فقط أجريت بعد 8 أكتوبر/تشرين الأول، وكلها تضع هاريس في المقدمة بثلاث نقاط. تجاهلوا الغوغاء، لم يتغير هذا السباق منذ ستة أسابيع”.
من جهة أخرى، أشار آخرون إلى أن أرقام التصويت المبكر في ولاية بنسلفانيا هي بمثابة العلامة الجيدة لكامالا هاريس، وبأن تعبئة فرق الحملة والمتطوعين الديمقراطيين على أرض الميدان لتشجيع الناخبين على التصويت من المفروض أن تؤتي ثمارها (في المقابل، لم يستثمر المعسكر الجمهوري سوى القليل في هذا المعطى الإنساني). يضيف جمهور المتفائلين أنه ورغم أن استطلاعات الرأي قللت من مدى فعالية أداء دونالد ترامب في 2016 و2020، إلا أنه يمكن أن يحدث العكس هذه المرة، مثلما هو الحال بالنسبة إلى انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 حيث لم تحقق “الموجة الحمراء” الجمهورية مبتغاها أبدا رغم إثارتها للمخاوف.
لكن، ماذا لو اعترفنا بأننا لا نعلم؟
بالنسبة إلى المعلقين المتشائمين أو المتفائلين بشأن فرص نجاح الديمقراطيين، يتم طرح نفس السؤال: التركيز أكثر من الضرورة على ما يثير خوفهم أو على ما يريدون رؤية حدوثه؟ وماذا لو كان قد حان الوقت بكل بساطة، للاعتراف بأننا لا نعلم؟
لا يمكننا أبدا أن نكرر ذلك بما فيه الكفاية: حيث إن كل شيء على المحك في الولايات الرئيسية أي بنسلفانيا، ميشيغان، ويسكونسن، نورث كارولينا، جورجيا، نيفادا، وأريزونا. رغم ذلك، يبقى السباق متقاربا كما لم يحدث يوما، مع أرقام وإحصاءات غالبا ما تكون محصورة ضمن هامش الخطأ. وحتى ديفيد بلوف، كبير مستشاري حملة هاريس والرئيس السابق لحملة أوباما لعام 2008، أكد الأحد في بث صوتي بعنوان: “حملة إنقاذ أمريكا أو Pod Save America” على أنه “يمضي قليلا جدا من الوقت” في دراسة استطلاعات الرأي العامة، فيما أن كل معسكر يعتمد على استطلاعاته الداخلية الخاصة.
يطلق ديفيد بلوف اتهاما: “أغلبهم فاسدون”. وهو يقول: “لو رأيتم استطلاعا يظهر تقدم كامالا هاريس بأربع إلى خمس نقاط في إحدى الولايات الرئيسية، فتجاهلوه. لأن هذا واقع الحال أيضا مع دونالد ترامب”. (هذا مشابه لاستطلاع نيويورك تايمز/سيينا في 12 أكتوبر/تشرين الأول، والذي أعطى كامالا هاريس تقدما بأربع نقاط في ولاية بنسلفانيا وتقدما بست نقاط لدونالد ترامب في أريزونا). يضيف بلوف: “إنه سباق سيكون الفوز به محصورا في هامش الخطأ”. لكن الرجل الذي لا يزال مستشارا للديمقراطيين على أية حال، لا يخفي أنه يحبذ أن يكون في محل هاريس بدلا من ترامب في هذه المرحلة من السباق نحو البيت الأبيض. أما ما يخص استراتيجية حشد الجمهوريين المعتدلين، يؤكد بلوف على ذلك وهو حتى يتوقع أن يكون هذا ما سيجعل مرشحته تفوز.
ترامب يرفض إجراء مناظرة أخرى مع هاريس
في 9 أكتوبر/تشرين الأول، رفض المرشح الجمهوري فكرة إجراء مناظرة تلفزيونية جديدة مع هاريس. وكتب على منصته تروث سوشال: “أعلنت كامالا بصراحة أمس أنها لن تقوم بأي شيء يختلف عن جو بايدن، لذلك لن يكون هناك نقاش”. وكان ترامب يشير إلى مقابلة أجرتها منافسته مع برنامج “ذا فيو The View” على قناة آي بي سي، قالت هاريس فيها إنه ليس لديها أدنى فكرة حول ما كان يمكنها أن تفعله بشكل مختلف في السنوات الأربع الماضية. بطبيعة الحال، نظر الجمهوريون إلى تلك التصريحات على أنها خطأ فادح. بعد وقت قصير وفي نفس البرنامج، قالت المرشحة الديمقراطية إنها ستتميز في سياستها من خلال تعيين عضو جمهوري في حكومتها في حال تم انتخابها. رغم ذلك، يبدو أن هذه ليست الجملة الصغيرة التي سنتذكرها، في انتظار أن تستغل فرصة جديدة أمامها خلال مقابلة مرتقبة على قناة فوكس نيوز المحافظة المقرر إجراؤها الأربعاء للتعويض عن ذلك.
كامالا هاريس تنشر تقريرها الصحي المفصل
“كل شيء على ما يرام”، لو صدقنا طبعا ما قاله أطباء هاريس: “إنها تتمتع بمقاومة عقلية وجسدية ضرورية للإيفاء بالتزمات الرئاسة”، لعل هذا أبرز ما يمكننا أن نقرأه في تقريرها الصحي. ويبدو جليا، أن كامالا هاريس لم تتوان عن مهاجمة دونالد ترامب حيال هذه القضية، متحدية منافسها البالغ 78 عاما أن يفعل نفس الشيء.
خلاف داخلي بين فريقي حملة بايدن وهاريس؟
ذكرت وسيلة الإعلام الجيدة الاطلاع أكسيوس Axios، بأن فريقي كامالا هاريس وجو بايدن على خلاف. حيث لا زال كثيرون في محيط بايدن يتألمون من طريقة إزاحة الرئيس من السباق إلى البيت الأبيض بعد مناظرته مع دونالد ترامب. كما بات عليهم اليوم أن يرضوا بدور ثانوي في الحملة، موقف يصعب تقبله، بحسب أكسيوس. ومن ثمة، يشتكي فريق حملة هاريس من قلة التنسيق بخصوص الرسالة التي يجب توجيهها إلى الناخبين: استغلال الأرقام الجيدة المتعلقة بملف التوظيف؟ أو التركيز على تحسن القوة الشرائية للأمريكيين؟ لكن أيضا على جدول أعمال كامالا هاريس وجو بايدن، فقد عقد هذا الأخير مؤتمرا صحفيا مرتجلا هذا الأسبوع طغى عليه التدخل الإعلامي لنائبة الرئيس.
حين يتحدث أوباما عن ترامب ويطلق دعابة “الحفاضات” !
هي دعابة الأسبوع الموقعة من قبل باراك أوباما، أو بالأحرى المناصر الديمقراطي الذي أطلقها في بيتسبرغ يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول.
حيث قال الرئيس الأسبق: “أتذكر أنني اشتريت حفاضات”. مضيفا: “أتذكر أول مرة ذهبت إلى المتجر، مباشرة بعد ولادة ماليا (ابنته). قلت لنفسي: ماذا؟ هل هي باهظة الثمن إلى هذا الحد؟”. أتذكر أنني قمت بتغيير الحفاضات. هل تعتقدون أن دونالد ترامب قام بتغيير الحفاضات من قبل؟”.
يصيح أحد الأنصار المتواجدين في القاعة ساخرا: “الخاصة به!”. ضحك باراك أوباما قبل أن يعترف بدوره: “كدت أن أقول ذلك. لكنني قررت ألا أفعل”.
(فرانس 24)