تقارير إخبارية

ذوو معتقلين في سجن عراقي يتحدثون عن تعذيب وتسريع بإعدام الأبرياء

ذوو معتقلين في سجن عراقي يتحدثون عن تعذيب وتسريع بإعدام الأبرياء

بغداد ـ «القدس العربي» مشرق ريسان: نشر مرصد «أفاد» العراقي المعني بالدفاع عن حقوق الإنسان، مناشدة لعدد أهالي معتقلين يقبون في سجن الناصرية المركزي، جنوب العراق، طلبوا فيها من المسؤولين العراقيين إنقاذ أبنائهم من الانتهاكات وسوء المعاملة التي يتعرضون لها داخل السجن، وفيما أشاروا إلى وجود حالات تعذيب، تحدثوا عن امتهان لكرامة النساء الزائرات وعفّتهن أثناء عمليات التفتيش.
وقال في «تدوينة» أرفقها بمناشدة الأهالي (من ثلاث صفحات) إن «‏أولياء أمور معتقلين في السجون العراقية يناشدون السلطات التدخل لوقف السلوكيات المشينة من إدارات السجون بحق أبنائهم، وانتهاك حقوقهم وسوء المعاملة بما فيها إهانة ذويهم عند التفتيش قبل المقابلات».
ورأى أن المناشدة تشير إلى «ارتفاع حالات الإعدام بالتزامن مع مناقشة قانون العفو العام».
ووجّه أهالي المعتقلين في سجن الناصرية المركزي المعروف أيضاً بسجن «الحوت» مناشدتهم إلى رئيس الجمهورية والوزراء، ووزير العدل.
واقع مرير
وجاء في نصّها: «نبين لكم في أدناه الواقع المرير المؤلم الذي يدمي القلب في سجن يحتوي على 13 ألف نزيل، ليس لنزلائه عون غير الله وحده، فلا رقيب ولا حسيب على مثل هكذا تصرفات، بل وصل الأمر إلى منع التصوير لهذا المكان».
وحسب ما وثقه أهالي المعتقلين أثناء زيارتهم أبنائهم أو استماعهم لكثير من أهالي السجناء، فإن «أقصى وأجمل منحة لهم هي إخراجهم لمدة 15 دقيقة كل ستة أيام ليرى (السجين) وضح النهار ونور الشمس» مؤكدين أن السجناء «يُقمعون في غرف مساحتها 2×3 من ضمنها الحمام، فيها 8 أشخاص ينتظرون أجلهم؛ فحكم الإعدام قد ثبت على 9 آلاف شخص منهم أغلبهم من الأبرياء، فكم من بريء بينهم، انتزعت منه الاعترافات بالإكراه، راح ضحية الظلم والتعذيب والمخبر السري والقاضي الميداني الذي ابتز وانتهز الناس وبعض الضباط المجرمين».
ووفق المناشدة، فإن «التعذيب داخل السجن من ضرب بآلات حديدية وشتم بألفاظ مخزية، وبصق في وجوه السجناء وغيرها من أساليب التعذيب» مشيرين إلى «التسريع بإعدام الأبرياء وبأعداد كبيرة قبل صدور قانون العفو العام».
وتحدث الأهالي «انتشار مرض الجدري وغيرها من الأمراض المعدية بكافة أشكالها بين السجناء، بسبب عدم وجود الشمس وسوء التغذية وغيرها من العوامل، وبعضهم يحتاج إلى دخول مستشفى ويمنع من ذلك إلى أن تتردى حالته الصحية وقد يصل إلى الموت في كثير من الأحيان» مؤكدين إن «الطعام السيئ جداً ويفتقد لأهم مكونات الطعام الصحي».
وأضافوا: «لا توجد التهوية وهم (النزلاء) يعانون أشد المعاناة حين يذهب أحد النزلاء لقضاء حاجته بسبب الرائحة الكريهة لعدم وجود تهوية للغرف التي يُقمعون بها» لافتين إلى «تفتيش دقيق وغير لائق للنساء الزائرات بصورة تمتهن فيها كرامتهن وعفتهم؛ مما دعا إن بعض السجناء والنزلاء يمنعون أمهاتهم وزوجاتهم المجيء إليتهم».
ورصد أهالي السجناء في مناشدتهم «تلفظ المسؤولين على السجن من الحراس وغيرهم بألفاظ مسيئة ومشينة» فضلاً عن «الابتزاز المالي للسجناء وأهاليهم في دخول الأدوية أو بعض الملابس الداخلية أو الحاجات الضرورية الأخرى».
وأكدوا «عدم توفر أي وسيلة من وسائل التعليم والثقافة؛ والأنشطة الرياضية المختلفة مما يقض السجناء أغلب أوقاتهم في غمّ وهمّ بل وضياع لكثير من مواهبهم وقدراتهم العلمية وغيرها» بالإضافة إلى «معاناة أهالي السجناء فهم يحتاجون بناء جملون (مسقّف) في سيطرة البطحاء (السيطرة الرئيسية) كونها صحراء ولا يوجد أي شيء فيها، والزوار- مثلما معروف- يتواجدون في هذا السيطرة حوالي 8-9 ساعات ليتسنى لهم الدخول للسجن، وهذا المكان لا يوجه فيه حمام ولا ظل».
أشاروا إلى امتهان كرامة النساء الزائرات عند نقاط التفتيش
ودعا أهالي المعتقلين في سجن «الحوت» المسؤولين العراقيين إلى «النظر بعين العطف والرحمة الأبوية للأبرياء من السجناء ولعوائلهم التي تنتظر بفارغ الصبر عودتهم إليها، فتعملوا متفضلين على إنهاء التعامل السيئ وتحسين الظروف داخل السجن مع التسريع بإطلاق من لم تثبت عليه تهمة، بالإضافة إلى إصدار قانون العفو العام وإطلاق من يشملهم القانون».
وفي تموز/ يوليو الماضي، وثُق مرصد «أفاد» الحقوقي، تنفيذ 63 حالة إعدام قال بأنها «غير معلنة» في سجن الناصرية المركزي.
وأكد في بيان صحافي حينها أن هذه الأعداد جرى تسجيلها «خلال الأسابيع الأخيرة الماضية مع مواصلة عمليات الإعدام بشكل متصاعد، لمعتقلين صدر بحقهم الإعدام تحت محاكمات تفتقر لاشتراطات العدالة».
واستند المرصد في معلوماته على إفادات حصل عليها من معتقلين داخل سجن «الحوت» تُظهر أن «السلطات العراقية وبإيعاز من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، سرّعت وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام خلال الشهرين الماضيين، بواقع يومين أسبوعيا، بحق محكومين بتهم الإرهاب تحديدا».
وأوضح في بيانه أن عمليات الإعدام الأخيرة لـ«محكومين منذ سنوات طويلة بعضهم منذ عام 2008 و2007، كانوا قد قدّموا تظلمات تطالب بعرضهم على القضاء وتؤكد براءتهم من تُهم نسبت إليهم، أو باعترافات انتزعت تحت التعذيب» أظهرت «إصرارا حكوميا على تجاهل كل الدعوات الأممية والدولية في إعادة النظر بأحكام الإعدام التي استسهلتها الحكومات السابقة، والأجهزة القضائية في أجواء تفتقر للعدالة والمحاكمات الشفافة» حسب البيان.
وجاءت محافظة صلاح الدين، في الصدارة كأعلى نسبة بمن تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، حيث تجاوز 32 شخصا، بينهم أشقاء اثنان، كما تم تنفيذ حكم الإعدام بشخص تجاوز عمره الرابعة والسبعين من أهالي تكريت وبمعتقل آخر قبع ما يزيد على 16 عاما في السجن، وفقاً للمرصد. وعلى إثر ذلك، نفت وزارة العدل العراقية تنفيذ إعدامات سرية في سجن الناصرية المركزي (الحوت).
وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد لعيبي عبد الحسين في بيان حينها، أن «الوزارة ستقاضي الموقع الذي نشر هذا الخبر المضلل».
وأعرب عن «استنكار الوزارة لمثل هذه التصريحات والأخبار التي تخدم جهات وأغراض واضحة» مستدركاً بالقول: «نفي الوزارة الكامل لما ورد فيها من اتهامات مضللة تهدف إلى تضليل الرأي العام الداخلي والدولي وتشويه الحقائق لأغراض سياسية».
الوزارة تنفي
وشدد على أن «الموقع كان يجب عليه أن يطلب تصريحًا أو توضيحًا من الوزارة حول هذه الادعاءات بدلاً من نشر ما يشاء دون التحقق من الجهة المختصة» مبينا أن «وزارة العدل العراقية تلتزم بالدستور وبمعايير حقوق الإنسان في جميع إجراءاتها».
وأوضح أن «رئيس الوزراء يتابع ميدانياً الجهود المبذولة لتعزيز مبادئ حقوق الإنسان داخل الأقسام الإصلاحية، ويحرص على تطبيق المعايير الإنسانية الدولية في التعامل مع النزلاء، ويشرف بنفسه على خطة إصلاح الدوائر الإصلاحية وتحسين أوضاع النزلاء» مؤكدا «نفيه القاطع لما نسب الى رئيس الوزراء في الخبر المنشور من قبل الموقع».
ولفت إلى إن «الوزارة ستتخذ الإجراءات القضائية ضد الموقع وستقاضي أي مواقع تنشر أخبارا مضللة من هذا القبيل» داعيا «الإعلام الوطني المهني إلى توخي الموضوعية والدقة في نقل الأخبار» فيما اشار إلى أن «أبواب الوزارة مفتوحة لأي استفسارات صحافية».
ويقع سجن الناصرية المركزي الذي جرى افتتاحه عام 2008، المعروف أيضا باسم سجن «الحوت» قرب الناصرية في محافظة ذي قار في العراق، وهو سجن أمني مشدد الحراسة، ويعد أكبر سجن في جنوب العراق.
«القدس العربي»

زر الذهاب إلى الأعلى