راديو كندا الدولي يُطفئ شموعه الـ80

يستخدم عدد كبير من القراء الهاتف المحمول للوصول إلى موقع راديو كندا الدولي على الانترنت.
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer
سمير بن جعفر
تمرّ اليوم ثمانون سنة على أوّل بثّ لِراديو كندا الدولي الذي تمّ يوم 25 شباط / فبراير 1945 وكان ذلك أواخر الحرب العالمية الثانية.
وتمثّل ذلك في كلمة لرئيس الحكومة الكندية آنذاك ماكنزي كينغ الذي شغل المنصب لِحوالي 22 سنة بين 1935 و1948.
وعبّر خلالها عن قناعته بأنّ خدمة الإذاعة الدولية من شأنها أن تخدم المثل العليا للتسامح والتعاون بين شعوب العالم.
الليلة، تدخل كندا حلبة الإذاعة العالمية. ومع إطلاق هذه الخدمة الجديدة، نتعهد بأن نكون، في السلم كما في الحرب، مخلصين للمبادئ العليا التي تدافعون عنها بشجاعة – المبادئ العليا التي جعلت من بلدنا أمة. نقلا عن ماكنزي كينغ، رئيس الحكومة الكندية السابق
ونبعت فكرة إنشاء خدمة إذاعية دولية كندية قبل الحرب العالمية الثانية حيث خلصت دراسة إلى ضرورة إطلاق إذاعة تقدّم للعالم اخباراً من منظور كندي.
وخلال الحرب العالمية الثانية تمّ إنشاء خدمة دولية عبر الموجات القصيرة بدأت تبثّ يوم 18 أيلول/سبتمبر 1942. وكانت برامجها موجّهة لأعضاء القوات الكندية المنتشرة في أوروبا. وكان الهدف هو تقديم الأخبار والبرامج الترفيهية المنتجة في كندا.
وبالإضافة إلى اللغتين الرسميتين في كندا، الفرنسية والإنكليزية، كان راديو كندا الدولي يبثّ بالألمانية وكانت جميع البرامج موجهة إلى بريطانيا وبقية أوروبا الغربية.
وفي السنوات التالية أُضيفت التشيكية والهولندية والسويدية والدانماركية والنروجية. وبعدها الإسبانية والبرتغالية. وفي العام 1949 بدأ البث بالإيطالية والفنلندية. وفي العام 1951، أضيفت اللغة الروسية ثم الأوكرانية والبولونية.
وفي الثمانينات من القرن الماضي بدأ البث باللغة الصينية واليابانية ثم العربية في 1990.
وقف البث الإذاعي
وعرف راديو كندا الدولي اقتطاعات مختلفة فرضتها الحكومات المتتالية. وكانت أبرزها في عام 2012 حيث قرّرت حكومة المحافظين بزعامة رئيسها ستيفن هاربر اقتطاع ما يقرب من 80% من ميزانية الإذاعة.
وأدّى ذلك إلى وقف البثّ على الموجات القصيرة وتحويل نشاطات الإذاعة إلى الانترنت عبر موقع لنشر الأخبار المكتوبة مع تقارير صوتية ومرئية وحصص تُبثّ على صفحة راديو كندا الدولي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقلّص عدد اللغات المستعملة إلى خمس لغات هي الانكليزية والفرنسية والعربية والإسبانية والصينية.
وسبق هذه الاقتطاعات، اقتطاعات في سنة 1995 كادت أن تؤدّي إلى غلق راديو كندا الدولي بكلّ أقسامه. وقبلها في نهاية عام 1991، أوشك راديو كندا الدولي على الإغلاق، لكنّ الحكومة تراجعت عن ذلك بعد حملة دعم للإذاعة من الرأي العام.
وأدرجت الحكومة بندا في قانون الاتصالات يجبر هيئة الإذاعة الكندية على توفير خدمة إذاعية دولية.
دور راديو كندا الدولي
سليمان ملالي، رئيس تحرير راديو كندا الدولي.
الصورة: Radio-Canada / RCI / Leonardo Gimeno
بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس راديو كندا الدولي كتب رئيس التحرير سليمان ملالي عن دور المؤسسة قائلا إنّ ’’إحدى مهمات راديو كندا الدولي تتمثّل في تمكين كل أولئك الذين يعرفون القليل أو لا يعرفون شيئاً عن كندا من اكتشاف، والأهم من ذلك، فهم المجتمع الكندي وقيمه الديمقراطية والثقافية.‘‘
وأضاف أنّ راديو كندا الدولي، ’’من خلال محتواه الإخباري وتقاريره ومقابلاته وتقاريره المعمقة وبرامجه الإذاعية، يعمل على تحقيق هذه المهمة.‘‘
وبالنسبة لجميع الكنديين، ’’يقدم راديو كندا الدولي نظرة أخرى على البلد ويسمح لهم بإنشاء روابط مع مواطني العالم‘‘، وفقاً له.
’’بالنسبة لأولئك المهتمين بكندا، وأولئك الذين يكتشفونها، وأولئك الذين يخططون للهجرة، وأولئك الذين يأملون في العثور على ملجأ هناك وأولئك الذين يصلون إلى مجتمعهم الجديد، يصبح راديو كندا الدولي نقطة ارتكاز ومنبعاً للمعلومات وأداة تكامل هائلة متاحة باللغات الرسمية واللغة الأم لهؤلاء الآلاف من المستمعين ومستخدمي الإنترنت.‘‘
شخصيات عملت في راديو كندا
احتضن راديو كندا الدولي منذ نشأته أسماء لامعة في مجال الصحافة والثقافة في كندا. فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن ذكر رينيه ليفيك، صحافي، الذي أصبح فيما بعد رئيس حكومة كيبيك.
يمكن ذكر الصحافية جوديت جاسمان التي أُطلق اسمها على جائزة تقدّمها الفدرالية المهنية للصحافيين في كيبيك.
كما عمل في القسم الانكليزي الصحافي بيتر غزوفسكي الذي اشتعهر فيما بعد باستضافة برنامج ’’مورنينغ سايد‘‘ (Morningside) على قناة سي بي سي.
وفي القسم التشيكي، يمكن ذكر جورج سكفور، وهو شاعر معروف باسمه المستعار بافيل جافور.
ويمكن ذكر جورج فيالا من القسم الروسي ، وهو ملحن للموسيقى الكلاسيكية. وألّف أكثر من 200 عمل، بما في ذلك خمس سيمفونيات.
نشأة القسم العربي
فريق راديو كندا الدولي المؤسس. من اليمين إلى اليسار: بيار أحمراني،سامي عون، مي أبو صعب وفريد شامي. (الصورة من الأرشيف)
الصورة: Radio Canada International
تأسس القسم العربي في راديو كندا الدولي مع نهاية العام 1989. وبدأ البث باتجاه الشرق الأوسط في آب/أغسطس 1990 مع احتلال العراق للكويت.
وفي حوار مع راديو كندا الدولي، يقول فريد شامي، الصحفي السابق في القسم العربي، إنّه كان أوّل صحافي يتمّ توظيفه في القسم العربي عند تأسيسه. وبعد ذلك بوقت قصير، تمّ توظيف ثلاثة صحافيين آخرين وهم الصحافية مي أبو صعب والبروفيسور سامي عون، مدير كرسيّ راوول داندوران لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لجامعة كيبيك في مونتريال والصحافي بيار أحمراني.
لما هجم صدام حسين على الكويت وبدأ التحالف الدولي في التحضير [لتحرير الكويت]، طُلب منّا البدء في البث باللغة العربية. نقلا عن فريد شامي، صحافي متقاعد من القسم العربي في راديو كندا الدولي
وقرأ هذا الأخير مع الصحافي بيار أحمراني أوّل نشرة للأخبار بالعربية على أمواج راديو كندا الدولي.
ويضيف هذا الصحافي الذي عمل سابقاً في القسم الفرنسي لإذاعة دمشق بين 1975 و1979 أنّ برامج القسم العربي لِراديو كندا الدولي كانت تُبثّ في البداية على شكل نشرات أخبار مدّتها عشر دقائق في الصباح وبعد الظهر.
وتم تمديدها إلى نصف ساعة ثمّ ساعة كاملة تشمل أيضاً تقارير ومقابلات.
’’ كان القسمان الإنكليزي والفرنسي يحضران الأخبار ونحن نترجمها مع إضافة بعض التعديل كي يفهمها المستمع العربي خاصة إذا كانت تحتوي على مرجعيات كندية. فالخبر الكندي واضح بالنسبة للمستمع الكندي وليس الأمر كذلك للمستمع للعربي. ونضيف بعض التفاصيل حتى نشرح الخبر. فحينما نقول ’قالت أوتاوا‘، لا يفهم المستمع غير الكندي أنّنا نتكلّم عن الحكومة الكندية‘‘، كما قال فريد شامي.
ويتذكّر هذا الأخير الأيام الاولى في القسم العربي حيث التزم الصحافيون بتغطية محايدة لحرب الخليج الثانية. ’’عبّر لنا مديرنا آنذاك عن إعجابه بتغطيتنا المحايدة للأحداث وأتذكّر أنه قال لنا : أنتم حقيقة صحفيون مهنيون‘‘.
سمير بن جعفر