سياسة

عقوبات ترامب على «الجنائية الدولية» تثير عاصفة رفض دولية

وزير العدل الهولندي دافيد فان فيل يتحدث للصحافيين في لاهاي عن تأثير العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي على المحكمة الجنائية الدولية

    

لاهاي ـ وكالات: فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لاتهامها بـ”مباشرة إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفنا المقرّب إسرائيل”، في خطوة أشادت بها الدولة العبرية، وندّدت بها دول ومؤسسات، والمحكمة التي أكّدت التزامها بـ “مواصلة إحقاق العدالة”.
ويحظر المرسوم الذي وقّعه ترامب الخميس ونشره البيت الأبيض دخول مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها وعناصرها إلى الولايات المتحدة، وكذلك أقرب أفراد عائلاتهم وكل من قدم مساعدة في تحقيقات المحكمة.
كما يلحظ المرسوم تجميد أصول جميع هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة.
ولم تعلن أسماء الأفراد المستهدفين في الوقت الحاضر.
وحسب نص المرسوم الذي نشره البيت الأبيض، فإن الجنائية “باشرت إجراءات غير قانونية ولا أساس لها بحق أمريكا وحليفنا المقرب إسرائيل”، في إشارة إلى تحقيقات فتحتها المحكمة في جرائم ضد الإنسانية، تستهدف جنودا أمريكيين في أفغانستان وعسكريين إسرائيليين في غزة.
وندّدت الجنائية ومقرّها لاهاي بمرسوم الرئيس الأمريكي “الذي يهدف إلى “فرض عقوبات على موظّفيها والإضرار بعملها القضائي المستقل والمحايد”.
وجاء في بيان صادر عنها أن “المحكمة تقف بحزم وراء موظّفيها وتلتزم مواصلة إحقاق العدالة وإعطاء الأمل من جديد لملايين الضحايا الأبرياء الذين قاسوا فظائع في العالم، في كلّ القضايا التي ترفع إليها”.
رئيسة المحكمة توموكو أكانيه رأت أن العقوبات “هجوم خطر” على النظام العالمي.
وقالت في بيان إنّ “مثل هكذا تهديدات وتدابير قسرية تشكّل هجمات خطرة على الدول الأطراف في المحكمة، وعلى النظام العالمي القائم على سيادة القانون، وعلى ملايين الضحايا”.
وحذّرت 79 دولة عضوا في الجنائية، من أنّ عقوبات أمريكا “تزيد من خطر الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم وتهدّد بتقويض سيادة القانون الدولي”.
وقالت في بيان مشترك “نؤكد دعمنا المستمر والراسخ لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية وحيادها ونزاهتها”.
فيما أعربت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني “عن الأسف الشديد إزاء العقوبات الفردية التي أُعلنت في حقّ موظّفي المحكمة وندعو إلى الرجوع عن هذا التدبير”.
هولندا أيضاً التي تستضيف مقر الجنائية الدولية عبرت عن “أسفها”.
أما المستشار الألماني أولاف شولتس، فاعتبر أن ترامب أخطأ في فرض عقوبات على الجنائية الدولية، لأنها تهدد مؤسسة مهمة.
وأضاف في تجمع انتخابي “العقوبات أداة خاطئة. إنها تهدد المؤسسة التي من المفترض أن تضمن عدم قدرة المستبدين في هذا العالم على اضطهاد الشعوب وبدء الحروب، وهو أمر مهم للغاية”.
في حين قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بريطانيا تدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية ولا تعتزم فرض عقوبات على مسؤوليها.
وحذّر المجلس الأوروبي من أن هذه العقوبات قد تهدّد استقلالية الهيئة.
وأكّد ناطق باسم الاتحاد الأوروبي أن الكتلة “تأسف” للقرار الأمريكي، محتفظة بإمكان اتخاذ إجراءات خاصة بها، من دون تقديم تفاصيل. وأضاف أن المحكمة “تؤدي دورا حيويا في الحفاظ على العدالة الجنائية الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب”، بما في ذلك في أوكرانيا.
أما إسرائيل، فأشادت بالرئيس الأمريكي لخطوته هذه، واصفة المحكمة بـ”اللاأخلاقية”.
وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة “إكس” “أشيد بقوة بالأمر التنفيذي الصادر عن ترامب بفرض عقوبات على ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية”، معتبرا أن قرارات الهيئة “لاأخلاقية وعارية عن أي أساس قانوني”.
وفي إسرائيل، قالت محامية تمثل مصابين وعائلات قتلى إسرائيليين في هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن موكليها سيواصلون العمل مع المحكمة الجنائية الدولية حتى بعد أن فرض ترامب عقوبات عليها.
واعتبرت المحامية يائيل فياس جفيرسمان أن العقوبات ستعقد التعامل مع المحكمة، لكن العائلات الإسرائيلية ترغب في استمرار التعاون معها في إطار الجهود المبذولة لتحقيق العدالة.
وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ثلاث مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت والقائد العسكري لـ”حماس” محمد الضيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

المصدر : جريدة (القدس العربي) لندن

زر الذهاب إلى الأعلى