عندما تتحول الهواية إلى رواية ساجدة الموسوي *
ولدت صفا آوس النهر عام 2003 ، ومنذ صغرها كانت من المتفوقات وحلم أهلها أن تكون مهندسة ، ومرت السنون على عجل حتى أنهت صفا دراستها الثانوية بتفوق ودخلت كلية الهندسة في جامعة الشارقة قسم التصميم الداخلي ..
لا جديد في الأمر وكأي طالبة ترعرعت في أحضان أسرة تحب العلم وجدها الشاعر والكاتب المعروف نصير النهر ..
ذات يوم فاجأت صفا والديها وجدتها وجدها بأنها كتبت ( كتاباً ) ولم تسمه رواية ،
وقالت لهم أن صديقتها دانة أعجبت به وشجعتها على طبعه !!
ذهل الجميع فصحيح أنها ممتازة في دروس اللغة العربية ومشهود لها بالقراءة وحب الأدب ، لكنها لم تذكر أبداً أنها تكتب شيئاً غير دروسها ، صفا لم تعلن عن تلك الكتابات أما لأنها لم تكن واثقة جداً مما تكتبه أو لأن الكتابة بالنسبة لها كانت مجرد هواية .. .
تتذكر صفا حين كانت بالصف التاسع أن معلمة اللغة العربية وهي معلمة جزائرية كتبت على موضوع الإنشاء في دفترها عبارة ظلت تحتفظ بها صفا ، كتبت المعلمة ما تتوقعه لهذه الطالبة بعبارة مليئة بالتفاؤل :” يوماً ما سيكون لك كتاب يحمل اسمك”
هذه العبارة تركت أثرها النفسي على صفا واستقرت في وجدانها وعقلها ، استهوتها الكتابة فخصصت دفتراً تكتب فيه ما يشبه القصة أبطالها التلاميذ ( ماريا وأمل وليان والصبي شقيق ليان ) ، كانت بين الحين والآخر تكتب في دفترها الخفي شيئاً من مغامرات هؤلاء البنات الثلاث لدخول المختبر المتطورللمدرسة ولم يدر بخلدهن أن تلك المغامرة تسحبهن إلى دهليز تحت الأرض فسلّم إلى الغيب يرجع بهم جميعاً من الحاضر إلى زمنٍ قديم ، لقد عاد بهم 300 عاماً إلى الوراء وقبضت عليهن والصبي عصابة فصاروا أسرى .. ، صفا استمرت تكتب وتكتب بنسيج روائي يمزج الواقع بالخيال ودون أن تدري بعد سبع سنوات من الكتابة وجدت أن توقع مدرستها قد تحقق وها هو الكتاب ، بنت الرابعة عشرمن العمر خطت بصبر وشغف رواية بواحدٍ وعشرين فصلاً شكلت 314 صفحة وعنونتها ( أين العودة ؟ ) كأنها أرادت بهذا السؤال أن تجذب القارئ من العتبة الأولى ليدخل معها في تلك المغامرة الجريئة ويسبح معها في بحار ذلك الخيال الخصب واللغة الجميلة .
طبعت الرواية في دار شتات للنشر والتوزيع ، وقد خصّتني العزيزة صفا بنسخة بإهداء يحمل جمال روحها ورشاقة قلمها .
وإذا كان ثمة ما يقال أزاء تجربة صفا في الكتابة التي أثمرت فأقول أن شغف الكتابة عند الطلاب لا يكون إلا بدافعية تخلقها بيئة المدرسة أو جو العائلة ، وأحياناً شخص ما يهمه أن يقرأ لمن يتوسم فيه أو فيها القدرة على الكتابة .
وأقول ومن تجربتي الخاصة أيضاً أن لمعلم أو معلمة اللغة العربية دوراً في تحريك المواهب الأدبية وتشجيها ودعمها ..كما فعلت المدرسة الجزائرية .
- شاعرة وصحفية عراقية