لليوم 24.. شمال غزة بلا ماء ولا طعام وسط إبادة إسرائيلية شاملة
فلسطينيون من شمال غزة المحاصر للأناضول: نعاني من نقص حاد في الطعام والمياه منذ أولى أيام العملية العسكرية الإسرائيلية
غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول
فلسطينيون من شمال غزة المحاصر للأناضول:
– نعاني من نقص حاد في الطعام والمياه منذ أولى أيام العملية العسكرية الإسرائيلية
– نشرب المياه الملوثة التي كنا نستعملها لأغراض التنظيف والغسيل ودورات المياه
– نتناول الخبز فقط بينما نفد الدقيق لدى الكثير من العائلات
لليوم 24 على التوالي، يعاني سكان شمال قطاع غزة من نقص حاد في المياه والطعام جراء الحصار المطبق الذي يفرضه عليهم الجيش الإسرائيلي في إطار استمرار إبادته الجماعية والتطهير العرقي منذ بدء عمليته العسكرية هناك في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ولا يجد الفلسطينيون، الذين رفضوا الاستجابة لأوامر التهجير الإسرائيلية وآثروا البقاء في منازلهم ومراكز الإيواء شمال غزة، ما يسد رمقهم اليوم بعد نحو 24 يوما من الحصار أدى إلى نفاد المياه الصالحة للشرب ومخزون الطعام لديهم.
وخلال العملية العسكرية، استهدف الجيش الإسرائيلي بالقصف المباشر وغير المباشر آبار مياه وألواح طاقة شمسية كانت تساعد الفلسطينيين في توليد الكهرباء لرفع المياه إلى منازلهم ما دفعهم لاستعمال المياه الملوثة كبديل وحيد.
ومع قطع إمدادات الطعام عن المحافظة، بدأ الأهالي بإيجاد بدائل غير صحية ولا تحتوي على القيم والعناصر الغذائية اللازمة، من أجل سد جوعهم وللبقاء على قيد الحياة.
وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري شرع الجيش الإسرائيلي بقصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، وفي اليوم التالي بدأ اجتياح المنطقة بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على احتلال المنطقة وتحويلها لمنطقة عازلة بعد تهجير سكانها عبر “إبادة” تنفذها بقصف دموي مكثف وحصار مطبق يمنع وصول الغذاء والمياه لمئات آلاف المدنيين الفلسطينيين.
**شرب مياه ملوثة
الفلسطينية خديجة أحمد، التي تسكن في منطقة مشروع “بيت لاهيا” التي لا تزال مكتظة بالسكان حتى اليوم، قالت إن المياه نفدت لديهم منذ أيام.
وتابعت في حديث مع الأناضول: “أحد الفلسطينيين، يبعد عن منزلنا نحو 300 متر، لديه بئر خاص ويقوم يومياً بتوفير كميات قليلة من المياه لسكان المنطقة، ونحن نحصل على حصتنا منه”.
وأشارت إلى أن عملية نقل المياه بشكل يدوي وسيرا على الأقدام مسافة 300 متر مكشوفة لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، تعد “أمرا خطيرا، في ظل استهداف أي جسم يتحرك هناك”.
وأردفت: “لا يوجد باليد حيلة، إن لم نخاطر للحصول على المياه لن نستطيع أن نبقى على قيد الحياة وسنموت عطشا”.
ولفتت إلى أنهم يشربون “مياه ملوثة” كانوا يستخدمونها لأغراض التنظيف والغسيل ودورات المياه، من أولى أيام العملية العسكرية في الشمال.
وقالت إن لهذه الخطوة “تداعيات خطيرة على صحة الجسد خاصة للمرضى”، مضيفة: “شقيقتي تعاني من مشكلات بالكلى ولا يناسبها إلا شرب المياه النظيفة غير الملوثة”.
**نفاد مخزون الطعام
وفي السياق، أفادت أحمد أنهم في محافظة الشمال لم يتلقوا أي مساعدات غذائية من جهات دولية أو محلية منذ بدء العملية العسكرية.
واستطردت: “ما كان يتوفر لدينا من طعام نفد قبل عدة أيام، وحاليا نعتمد بشكل كامل على تناول الخبز”.
وأشارت إلى أن عددا كبيرا من العائلات في محافظة الشمال يعانون من نفاد الدقيق لديهم، بالتالي تنعدم أمامهم فرصة الحصول على أي مصدر للطعام.
وناشدت أحمد “جميع الجهات الإنسانية وكل ما من لديه ذرة كرامة أن يتدخل للضغط على إسرائيل وإدخال ما يحتاجه الأهالي من مساعدات ومعونات على وجه السرعة”.
**محاولات للبقاء أحياء
تتقاسم الشابة خديجة أحمد تفاصيل ذات المعاناة مع باقي العائلات الفلسطينية في الشمال، ومن بينها عائلة مهدي صلاح من بلدة بيت لاهيا المحاصرة.
وقال صلاح للأناضول: “لا يوجد لدينا ماء ولا طعام ولا علاج منذ أكثر من أسبوعين ومرت أيام لم نتمكن من التحرك فيها لتوفير ما نحتاجه إذا توفر بالمنطقة”.
وخلال الأيام الماضية، اضطرت عائلة صلاح لـ”دخول المنازل التي نزح منها سكانها، وأخذ ما فيها من ماء وطعام لإنقاذ من صمدوا من الهلاك”، وفق قوله.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يريد بأي شكل من الأشكال التخفيف من شدة الأزمة التي يعاني منها سكان الشمال، قائلا: “السياسة الإسرائيلية تجاه شمال قطاع غزة باتت واضحة فهو يريد فرض التهجير القسري عليهم من خلال التجويع والتعطيش والقتل البطيء والإبادة”.
وخلال حديثه، لفت إلى أن محافظة الشمال كانت تعاني من المجاعة والعطش “لكن اليوم ومع تشديد الحصار الوضع لا يمكن وصفه، والمجاعة مضاعفة”.
وطالب صلاح كل “دول العالم وأحراره للخروج بمسيرات صوب السفارات الإسرائيلية والأمريكية ورفع شعارات تطالب بإنقاذ شمال قطاع غزة من الهلاك قبل فوات الآن”.
وفي ختام حديثه، قال إن “الاحتلال قرر قتلنا عطشاً وجوعاً بعدما فشل في تحقيق أهدافه العسكرية ولم يتمكن من تهجيرنا إلى جنوب قطاع غزة”.
**غازات سامة وخوف متواصل
الصحفية فاطمة الدعمة لا تزال تتواجد في “جباليا”، كتبت عبر صفحتها في منصة “فيسبوك”، أنهم يعانون منذ أيام من انعدام توفر المياه بعد تدمير الجيش الإسرائيلي لآبار المياه وخلايا الطاقة الشمسية التي كانت تشغلها.
وأضافت: “لا يوجد منذ بدء العملية العسكرية مياه للشرب أبداً بسبب إغلاق محطات التحلية بالمنطقة”.
وزادت أن طعامهم هو “الدقة (دقيق محمص يضاف إليه بعض البهارات)، والخبز والملح فقط منذ أيام طويلة”.
وتابعت الدعمة “بدأنا نعاني من الأمراض والالتهابات بسبب قلة الماء وسوء الغذاء”.
ويفاقم معاناة أهالي الشمال امتلاء الأجواء هناك بدخان وغبار وغازات سامة منبعثة عن انفجار الصواريخ والقنابل الي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، ما يؤثر بدوره على صحتهم، وفق قولها.
إلى جانب ذلك، فإن “الرعب والخوف في المنطقة لا نهاية لهما بسبب تواصل القصف الإسرائيلي وإطلاق النار الكثيف”، كما دونت.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت أكثر من 144 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب هذه الإبادة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
28-10-2024