تقارير إخبارية

مآسي نازحي شمال غزة.. أمطار تغرق خياما تفتقد مقومات الحياة (تقرير)

- رامز عواد: هناك مئات الخيام التي تؤوي آلاف النازحين من مخيم جباليا ومحيطه والجميع يعيش ظروفا كارثية خاصة مع أجواء البرد والمطر

 

 

شمال غزة / محمد أبو دون / الأناضول

رامز عواد: هناك مئات الخيام التي تؤوي آلاف النازحين من مخيم جباليا ومحيطه والجميع يعيش ظروفا كارثية خاصة مع أجواء البرد والمطر
صابرين المدهون: لأول مرة نجرب حياة الخيمة بعد نزوحنا قسرا من مشروع بيت لاهيا وكانت التجربة أقسى مما نتخيل
متحدث الدفاع المدني محمود بصل: المناطق التي نزح إليها الفلسطينيون أصبحت بؤرا للأمراض والأوبئة ولا توفر مقومات الحياة

مع تساقط الأمطار الغزيرة يواجه الفلسطيني رامز عواد (48 عاما) وأسرته ظروفا قاسية، بعدما اضطروا إلى العيش بخيمة بدائية تفتقد أدنى مقومات الحياة إثر النزوح من شمال قطاع غزة بسبب حملة الإبادة والتطهير العرقي الإسرائيلية.

وخلال الليلة الماضية، مرّت أوقات عصيبة على عائلة عواد المكونة من 7 أفراد، الذين احتموا داخل خيمة صغيرة من القماش والنايلون البالي، وسط أمطار غزيرة أغرقتهم.

** خيام بدائية

ونزح عواد مع عائلته قبل عدة أسابيع من مخيم جباليا جراء العملية العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت شمال القطاع، ولم يجد مكانا للإيواء سوى خيمة متواضعة بـ”ملعب اليرموك” لكرة القدم وسط مدينة غزة.

ويقول عواد لمراسل الأناضول: “بملعب اليرموك، هناك مئات الخيام التي تؤوي آلاف النازحين من مخيم جباليا ومحيطه، والجميع يعيش ظروفا كارثية خاصة مع أجواء البرد والمطر”.

ويضيف: “عندما سمعنا بتوقعات الأمطار، حاولنا حماية خيامنا وتجنب الخطر، لكن كل محاولاتنا فشلت بسبب غزارة المطر”.

ويتابع: “ما زاد المأساة أن أرضية الملعب طينية، وتحولت إلى وحل جعل من المستحيل التحرك فيها”.

وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اجتاح الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”.

بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.

وإثر تلك العملية، اضطر عشرات الآلاف من فلسطينيي شمال القطاع إلى النزوح قسرا تجاه مدينة غزة، حيث أقام معظمهم في خيام ومراكز إيواء.

ولم يسمح الجيش الإسرائيلي للنازحين بحمل أمتعتهم أثناء النزوح، ما جعل حياتهم داخل الخيام ومراكز الإيواء غاية بالصعوبة، وتفتقر إلى أبسط مقومات العيش الإنساني.

** أطفال تحت المطر

يقول عواد: “عائلتي فيها أطفال صغار لا يستطيعون تحمل البرد، خاصة مع عدم توفر الأغطية والملابس الكافية لأننا نزحنا قسرا من منازلنا دون حمل أي متاع”.

ويضيف: “الجميع بالخيام يخشى أمطارا جديدة قد تعمق المأساة وتزيد الألم، بظل نقص الطعام والماء وأبسط مقومات الحياة”.

ويشير إلى أن “مواسم الأمطار كانت مناسبة للفرح قبل الحرب، حيث كان يجتمع مع عائلته بمنزله الذي دمره الجيش الإسرائيلي حول موقد النار، ويتناولون الطعام ويتسامرون لساعات”.

ولفت إلى أن “اليوم الحال انقلب بسبب الحرب، وأصبحت مواسم الأمطار ثقيلة علينا، خاصة ونحن نعيش بخيام قماشية”.

** حياة قاسية

ولا يختلف حال عواد عما يعانيه باقي الفلسطينيين الذين يعيشون في خيام بدائية، إذ أجبروا على اللجوء إليها في ظل قسوة الإبادة المستمرة.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء للمدارس أو لمنازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي الفلسطينيين فيه.

الشابة صابرين المدهون (26 عاما)، النازحة بـ”ملعب اليرموك” برفقة والدها ووالدتها و3 من إخوتها، تقول: “لأول مرة نجرب حياة الخيمة بعد نزوحنا قسرا من مشروع بيت لاهيا، وكانت التجربة أقسى مما نتخيل”.

وتضيف لمراسل الأناضول: “كل شيء غرق فجأة ولم نعد نحتمل، فسلمنا أنفسنا للأمطار، والكل كان يدعو الله أن يوقف المطر وينقذ أرواحنا”.

وتتابع: “انعدام مقومات الحياة في ظل الأمطار والبرد الشديد جعل الحياة صعبة جدا”.

وتكمل: “أبكي طوال الوقت بسبب حالنا وعجزنا، وأنا أنظر إلى أبي وأمي المسنين، يعيشان هذه المأساة بينما العالم يواصل دعمه للاحتلال”.

وتناشد المدهون “كل إنسان حر في العالم للتحرك من أجل النازحين الفلسطينيين والضغط على الاحتلال لوقف الحرب المجنونة”.

** مأساة النازحين

في السياق ذاته، قال متحدث الدفاع المدني محمود بصل للأناضول: “أصدرنا تعليمات للنازحين قبل بدء موسم الأمطار، خاصة لمن يعيشون في الخيام، لأن المأساة المتوقعة في ظل اهتراء الخيام ستكون كبيرة”.

وأشار إلى أن “المناطق التي نزح إليها الفلسطينيون أصبحت بؤرا للأمراض والأوبئة، ولا توفر أي مقومات للحياة، مما يعرض الناس لمخاطر البرد والمطر”.

وأضاف: “ما يزيد من خطورة الأوضاع هو تدمير الاحتلال للبنية التحتية وقنوات تصريف المياه التي كانت تستوعب الأمطار”.

ودعا بصل “الأمم المتحدة ومؤسساتها لحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لتوفير أماكن إيواء تحمي النازحين من مخاطر مياه الأمطار”.

وبدعم أمريكي غربي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى