تقارير إخبارية

ما الذي نعرفه عن التقدم السريع لهيئة تحرير الشام وحلفائها في شمال سوريا؟

جهاديون سوريون في شوارع مدينة حلب شمال سوريا، 30 نوفمبر 2024. © أ ف ب

في هجوم مباغت منحها السيطرة على معظم مدينة حلب، شنت هيئة تحرير الشام المعروفة سابقا بـ”جبهة النصرة” مع فصائل حليفة لها هذا الأسبوع، أكبر عملية عسكرية منذ سنوات ضد مناطق يسيطر عليها النظام في شمال وشمال غرب سوريا. وأسفرت المعارك عن مقتل 311 شخصا، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم مدنيون قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام في المعركة. فما هي خلفيات هذا الهجوم الذي يأتي بعد سنوات من الهدوء النسبي؟

نفذت هيئة تحرير الشام، وهي مجموعة كانت مرتبطة بالقاعدة، بالتحالف مع فصائل أخرى معارضة، هذا الأسبوع أكبر عملية عسكرية منذ سنوات ضد مناطق يسيطر عليها النظام في شمال وشمال غرب سوريا.

ومكن هذا الهجوم المفاجئ هذه الفصائل المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، من السيطرة على معظم مدينة حلب والعديد من القرى والبلدات في الشمال السوري، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت.

أسفرت المعارك عن مقتل 311 شخصا، وفقا للمرصد السوري، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم مدنيون قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام في المعركة.

وكان الجيش السوري قد أقر بدخول الفصائل المسلحة الى “أجزاء واسعة” من مدينة حلب، ومقتل العشرات من عناصره في اشتباكات ممتدة على جبهة بطول نحو 100 كيلومتر.

لماذا جاء الهجوم في هذا التوقيت بالذات ؟

شنت هذه الفصائل التي تنسق عملياتها ضمن غرفة عمليات مشتركة، الهجوم في يوم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله بعد نزاع بين الطرفين امتد 13 شهرا على خلفية حرب غزة.

وفي هذا السياق تقول دارين خليفة الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية إن تلك الفصائل كانت تعد للهجوم منذ أشهر.

وتوضح “قاموا بتصويره على أنه خطوة دفاعية ضد تصعيد كان يريد النظام القيام به”، مع تكثيف الحكومة السورية وحليفتها روسيا غاراتها على المنطقة قبيل الهجوم.

وتضيف خليفة أن هيئة تحرير الشام وحلفاءها “تنظر أيضا إلى التغيرات الأكبر على المستويين الإقليمي والجيواستراتيجي”.

وخلال فترة الحرب في غزة، كثفت اسرائيل غاراتها في سوريا على مجموعات موالية لإيران الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، ومنها حزب الله الذي ساند بشكل مباشر القوات الحكومية السورية في النزاع الداخلي خلال الأعوام الماضية.

وتعتبر روسيا كذلك حليفا بارزا للأسد، وساهم تدخلها العسكري المباشر اعتبارا من 2015، في قلب ميزان القوى الميداني لصالح دمشق.

وتواصل دارين خليفة: “يعتقدون أن هذا وقت يكون فيه الإيرانيون ضعفاء، والنظام محاصر، وتركيا (الداعمة لبعض الفصائل المسلحة في شمال سوريا) أكثر جرأة إزاء روسيا”.

ما مواقف القوى الفاعلة؟

امتنعت القوى الداعمة لكل من الطرفين حتى الآن عن الإدلاء بأي تعليق تصعيدي. واعتبر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الوضع في حلب “انتهاك لسيادة سوريا”. وأعرب عن دعم بلاده “للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري”.

ودعت تركيا إلى “وقف الهجمات” على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلحة في شمال غرب البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبر منصة إكس إن الاشتباكات الأخيرة “أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية”.

وجددت طهران الجمعة دعمها الحازم لحليفتها سوريا، وجاء في بيان للخارجية الإيرانية إن الوزير عباس عراقجي “شدد على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب”، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وتقول خليفة لوكالة الأنباء الفرنسية  “في الأيام القليلة المقبلة، إذا تمكنت (الفصائل) من المحافظة على مكاسبها، فسيكون ذلك اختبارا إزاء ما إذا كانت تركيا سوف تتدخل أم لا”.

ويأتي هذا الهجوم المباغت والكبير في وقت تعثرت فيه جهود التقارب بين سوريا وتركيا خلال العامين الماضيين.

ودفعت روسيا وإيران نحو خفض للتصعيد بين سوريا وتركيا، لكن دمشق تؤكد أنه ينبغي على أنقرة سحب قواتها من أراضيها قبل أي تطبيع للعلاقات.

وتقول كارولاين روز من معهد “نيو لاينز” في واشنطن إن ردة الفعل الضعيفة لحلفاء سوريا قد تكون وسيلة “لإرغام النظام على التفاوض من موقع ضعيف، في ظل غياب أي مؤشر للدعم من إيران وروسيا”.

هل تقلص الوجود الروسي في سوريا؟

عانت الحكومة السورية هذا الأسبوع من أكبر خسارة ميدانية منذ أعوام. وتعتبر خليفة أن “خطوط النظام انهارت بوتيرة مذهلة أدهشت الجميع”.

وقطعت الفصائل طريق دمشق حلب الدولي، وسيطرت على تقاطع مهم بين طريقين يصلان حلب بكل من دمشق واللاذقية.

وبحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن، فإن الفصائل تقدّمت في حلب من دون “مقاومة كبيرة من قوات النظام”.

يضيف “من الغريب أن نرى قوات النظام تتلقى ضربات قوية كهذه بالرغم من الغطاء الجوي الروسي والمؤشرات المبكرة على أن هيئة تحرير الشام ستشن هذه العملية”.

واعتمدت دمشق إلى حد كبير على القوة الجوية الروسية وعلى حزب الله في الميدان لاستعادة مناطق واسعة خسرتها خلال الحرب لصالح فصائل معارضة.

لكن الهجوم الراهن يأتي في وقت تنشغل روسيا بحربها في أوكرانيا، وحزب الله بالضربات التي تلقاها خلال المواجهة الطويلة والقاسية مع إسرائيل.

ويشرح رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي آرون شتاين أن “وجود روسيا (في سوريا) تقلص بشكل كبير، وباتت فائدة الغارات الجوية السريعة محدودة”.

ويرى أن التقدم السريع للفصائل المسلحة “يذكر بمدى ضعف النظام وربما اطمئنانه المفرط خلال الأعوام القليلة الماضية مع تراجع حدة المعارك”.

فرانس24/ أ ف ب

 

زر الذهاب إلى الأعلى